الأحد، 2 مارس 2014

لماذا نقتل الإبداع

بدا الموضوع بحديث بيني وبين صديق لي : اذا خيروك بين الهندسة الطبيه ( مجال دراستي ) وبين الشعر فماذا تختار ؟؟
في الحقيقة كعادتي ابحث عن اجابة فلسفيه للسؤال ولكن هذه المره لم اجد اي اجابه !! 
فهل من المنطقي ان اقول انني سأختار الشعر ؟؟ في الوطن العربي ستكون الإجابة : الشعر مبيأكلش عيش !!

وهنا تعمقت بالذاكره قليلا لأجد ان كل منابع الإبداع لدينا ولدت ميته !!
اذا ما عدنا للطفوله تجد الطفل ذو الخيال الخصب والذي يروي القصص عن الجنيات والابطال الخارقين دائما كنا نصفه بالمعتوه والمختل !! لكن هل توقفنا لنفكر مره ان بمخيله كمخيلته ربما كان ليكون كاتب كبير وربما يصبح مثل ماري تشيلي يوما ما !!
او ذلك الذي يرسم في دفتر العلوم ورده جميله دائما تجد اهله يوبخونه ويقرعونه والجملة التي قتلت نصف المواهب لدينا : خليك في مذاكرتك وسيبك من الهبل ده !!
اصبحنا نصف الفنون " هبل " !! 
لا زلت اتذكر نصيحة والدي في الثانويه العامة : سيبك من الشعر مش هيعملك مستقبلك !! وامي حين تحاول ان تجعلني اقلق على مستقبلي : لو مسبتش الشعر ده وركزت في مذاكرتك مش هتخش هندسه !!
وكانت النتيجة اني اكملت ورفضت ان اكبت ما أؤمن انها موهبتي تحت أسطوره ووهم المستقبل المزعوم !!
هل فكرنا انذ لك الطفل الذي اعطاه الله القدرة على تخيل الروبتات وجنود السايبورج مثلا وخلافه ليس طفلا مخبولا وانما هو طفل عبقري يمكن ان يصبح مخترعا لا مثيل له ؟؟
هل فكرنا حقنا لماذا عدد المخترعين والعباقره والأدباء العرب يتناسب عكسيا مع عدد الممثلين والمغنين العرب ؟؟ هل فكرنا ان عدد عباقرتنا لا يساوي حتى ربع عباقره الغرب !!
لو امعنا لدقيقه واحدة في هذه الحقيقة سنخلص لحقيقة اكثر مرارة ان ليس عباقره الغرب وحسب بل ايضا عباقرة الشرق سبقتنا بسنين !! 
وما النمور الآسيويه والهند والصين واليابان منا ببعيد !!
ولازلت اذكر ان اليابان تسمى ببلاد الأساطير والخيال !! والصين لازلت اراها في إعلامنا بلد التنين الأصفر والألعاب الناريه !!
لماذا نقتل الإبداع ؟؟
هل فكرت لماذا حين تذاكر يقول لك مدرسك : احفظ المعادله كما هي !!
لماذا نسمي حفظ الإجابه كما هي بالكتاب بال" الإجابة النموذجية !!" هل النموذجية عندنا تقضي بأن نقتل تفكير الطالب !!
وان مايضحك ان الطالب اذا ارتجل فرضيه ترى استاذه او معلمه يقرعه وربما يصرخ فيه ويوبخه كيف لك ان تفكر اصلا !! واحيانا نسمع جملة : من انت لتعدل على كلامي !!
وحين اقرأ قصة نيلز بور الذي صفعه مدرسه ونعته بالغباء !! اتخيل لو ان بور سمع لكلام مدرسه ومشى ورائه في كل شئ ولغى شخصيته .. هل كنا سنسمع عن نيلز بور الفيزيائي الشهير وعالم الذرات ؟؟؟
عندما اسئل شابا عربيا ماهي هواياتك ؟؟ فيجيب : كرة القدم !! بل ومن اعجب الإجابات التي سمعتها : البلاي ستيشن !! وكأنما أصبح دحرجة الكرة في الحشائش او تحريك الأزرار في ذراع التحكم هواية تنمي العقل والعبقريه !!
أصبحنا ننظر للشاعر على انه : " عالم فاضيه "
وللعالم على أنه :" دحيح وغير إجتماعي '
وللمثقف انه :" دودة كتب !!"
والعبقري على انه :" غريب أطوار"
صاحب الخيال الخصب :" مختل "
ان شعوبنا التي تضحك وتعيش على السخريه وإعلامها ماهو الا برامج فكاهية رخيصة انما تضحك حتى لاتبكي على وزرها الذي تعرف انها تحتاج إلى العزيمة والإيمان لتتخطا اليأس ..

حين تجد ان شعبا كالشعب الألماني مثلا تجد ان شبابه عندهم هوايات كالصيد مثلا او جمع العملات والطوابع او قراءة كتب جوتة مثلا أو سماع الموسيقى الكلاسيكة فأنك ستفهم سريعا لماذا صارت ألمانيا واحدة من أكثر دول العالم تقدما
لأنها أعتمدت ترفيه العقل قبل ترفيه البطون ..
وكم من الجرائم ارتكبت بأسم ترفيه العقل !! فما اصبح الترفيه الا عنوان يُقتل الوقت به وحسب !!
تجد شابا يجلس بالساعات امام التلفاز ربما يشاهد فيلما مدته ٩٠ دقيقه يتحدث عن قصة حب مابين فتى وفتاة لاتقدم هذه القصة لنا الا المشاعر فقط !! وحين نسأله ما استفادتك العقليه .. تكون الإجابة صفرا مكعبا !!
حتى انت وانت تقرأ هذا المقال هل سألت نفسك وهل يوجد صفرا مكعب اصلا !!
نعم ياساده ان من انشغل بالترفيه عن بطنه اغفل تنمية عقله 
الشعوب الجائعة لاتجد وقتا للتفكير
تخيل معي لو ان عريبا فكر في صناعة الحاسوب اللوحي ( الأيباد مثلا. هل كان ليلقى قبولا لدى العرب ؟؟؟
اذا ما انتقلنا الى نقطة اخرى : ستيفن جوبز من اصول عربيه هل لو كان ستيفن جوبز مؤسس شركة أبل العالمية تربى في أسره عربيه هل كان سيؤسس أبل أم اننا كنا سنسمع انه افتتح شركة ألبان وربما مصنع يصنع الجبن !! وفي افضل الأحوال تجد خريجي كليات القمة في الوطن العربي يعملون اصحاب مخابز واصحاب أفران واصحاب محلات وحوانيت لاتبيع إلا الحلويات !! ليس بسبب البطاله وانما لأنها افضل طريقه للتكسب !!

بإختصار ان العقل الذي أسلم نفسه لشهوة ما كشهوة الأكل أو شهوة النساء أو شهوة النقود أو أي شهوة ستقعد به همة عند حد إشباع شهوته وبعدها سينتحر العقل ويبقى هذا الإنسان في جسد مفرغا من اي روح ماهو إلا وعاء لإحتواء هذا العقل ..

هناك تعليقان (2):