الاثنين، 14 يوليو 2014

الإنسان والعدل

دائما ما يخالج خاطري أسئلة : متى ، ماذا ، أين وكيف؟؟؟ ..
أسئلة تتناسب مع أسلوب تفكير هندسي .. 
لكن على المدى الطويل أجد أسئلة بلا إجابة 
تلك الأسئلة التي تتمحور حول طبيعة الإنسان ؛ قد تجد إجابات وصل إليها عقلك الأولي وقد لا تجد إجابات ترضي فضول الباحث

 .العَدْل : ماقام في النفوس أنه مستقيم، وهو ضد الجور، والعدل هو الحكم بالحق.

العدل  أحد المصطلحات التي أبدع الإنسان في صياغتها ، تميز الإنسان باللعب في المصطلحات بما يخدم حاجاته ..
دائما ما يخلط الإنسان بين العدل والمساواة ..

فالعدل أن نكون ثلاثة شركاء في قطعة أرض يملك أحدنا نصفها فيحصل على نصف الماء ويُقسم باقي المورد المائي على بقيتنا وفقا لحصة كلٌ منا 
بينما المساواة أن يأخذ كل منا الثلث فقط من الماء !!
المساواة ليست عدل في كثيرٍ من الأحيان ..

فلنعتبر أن العدل هو الأسم الأكثر نبلا وبناءً عليه سنعتبر أن الإنسان يبحث عن العدل 
ولكن لنكن صرحاء هل الإنسان يبحث عن العدل حقا ؟؟

إن الإنسان الذي وعى حقيقة أن البقاء لأقوى ( لا أجد غضاضة في إعتماد قانون الغاب قانونا للبشر ) هل سيهتم لكلمات مثل : نصرة المظلوم ، لهفة المستنجد ، العدل ..

في الواقع أحيانا أجد العدل لا يطول إلا الفقراء 
فقد تجد القاضي يقضي بحبس فلان الذي سرق ألف من الجنيهات بالخمس أعوام وقد يتفاوت الحكم وفق الهوى لا وفق القانون !!  بينما قد يحكم القاضي نفسه لرجل الأعمال بالخدمة العامة كنوع من التعويض لضرر المجتمعي مع التصالح !! 
ميزان العدل يمكن أن يُغش مكياله كما يُغش في مكيال الباعة بإضافة ثقل أسفل الكفة .. فأذا أضفنا القوة كثُقل خفي تحت الكفة  هل من الممكن أن نشعر بالفرق ؟؟
الإنسان يحكم لأقوى ولنضرب مثلا من قبيل الحصر عندما تحاكم الخديوي إسماعيل و ملكة إنجلترا فيكتوريا في خلاف ملكية قناة السويس تحاكموا لنابوليون الثالث إمبراطور فرنسا والذي لم يكن له أي مصلحة في قضية القناة ولكنه حكم لصالح إنجلترا مجحفا حق مصر ومتغافلا عن مأسي عمال القناه !!
في تاريخ الكنيسة الكاثلوكية الدموي من النادر أن تجد حكما إنسانيا راقيا رغم أن الكنيسة كانت تحكم بسلطات الله فهل كانت سلطات الله التي أقتبسها البابا تحكم على الفقير وتُعفي النبلاء !!
في الواقع أن الكنيسة التي أعدمت علماء الجيولوجيا وعلماء الطب وعلماء الفلك لمجرد أنهم تجرؤا وغالبوا نواميس الكنيسة !!  حينما يركع جاليلو جاليلي  وهو في السبعين من العمر على ركبتيه ليستغفر البابا  كي لا يعدم لأنه قال أن الأرض تدور حول محورها وهو ما يخالف تقاليد الكنيسة  بينما نفس الكنيسة منحت صكوك الغفران لمن قاتل في الحروب الصليبية !! تجد صكوك الغفران لمن أنتصر ولمن قتل و لاتجد صكاً واحدا لمن أكتشف أو أبتكر !!
حينما لا تجد العدل تحت عروش من يحكمون بأسم الله أعتقد أن الهوى الإنساني لن ينجرف إلى العدل بطبعه ..
حينما نتفقد التاريخ الإسلامي نجد النقيض حينما نقرأ لمستشرقين نجد أن الخلفاء الذين أهتموا بهم ومنحوهم فائق الاهتمام هم الخلفاء الذين أشتهروا بالقوة بالرغم أن أغلب من أشتهر بالقوة قد أشتهر بالعدل  : تجد أن كثيرا منهم لايهتم ببحث العدل في الملوك بل بالبحث في قوة الملوك 
أن خليفة مثل عمر بن الخطاب يدرسوه لقوته لا يعتدوا بعدله
وخليفة كهارون الرشيد لا يعتدوا إلا بتوسع دولته ونفوذه الخارجي وأساطيره لا يبحثون في عدله
اما في السلاطين نجدهم لا يهتمون بعدل محمد الثاني ( الفاتح ) بل يهتمون بغزواته وفتوحاته فقط  ان ملوكا وسلاطين مثل : صلاح الدين الأيوبي و بايزيد الثاني والسلطان ألب أرسلان والسلطان سليمان القانون وغيره ممن السلاطين والأمراء والملوك الإسلامين تجد أن المستشرقين وقفوا على نقاط قوتهم ومعاركهم وفتوحاتهم كنوع من دراسة الدولة الإسلامية ولم يقفوا على عدلهم !!

إن الإنسان لا يكترث إلا لمصالحه 
لازلت أذكر الراكب بالقطار الذي سُرقت محفظته وعندما أمسك الضابط اللص وواجه المسروق منه فوجأنا بالرجل الذي سُرق ينزل في محطته وكأن شيئاً لم يكن بعد أن أسترد محفظته ونقوده  تاركا الشرطي واللص في القطار !!
إن الإنسان لا يهمه العدل يهمه أن تمضي مصالحه بما يتناسب مع أهوائه 
العدل لا يكون لأبناء جلدتك فحسب بل أن تكون عادل بين الناس جميعا ولو أقتضى أن تكون حازما على البعض من من تحب
لا يبحث عن العدل إلا مظلومٌ أو ضعيف يريد أن يسترد بسيف العدل ( أحد أسماء الله السامية ) ما سلبته طبيعة الإنسان من طمع و عطش لسلطة والقوة وإنعدام الرحمة

كل هذا يقودنا لنتيجة مفادها أن الإنسان لا يعترف إلا بالقوة ولا يعتد إلا بالقوي والقوي فحسب ..  لايهمه ما إذا كان ذلك القوي ظالما أو تقيا
 يهمه فقط أن يساير مصالحه
وبعد هذا نصل لنتيجة أخرى لن تجد الرحمة إلا عند الضعفاء ..

هناك تعليق واحد: